مؤتمر للحوار الوطني السوري بوابة لبداية جديدة:

Publié : 13h12 par إذاعة الشرق

مؤتمر الحوار

Crédit : مؤتمر الحوار

انطلق  ​في 25 فبراير 2025، في دمشق مؤتمر الحوار الوطني السوري، بمشاركة نحو 600 مندوب من مختلف أنحاء البلاد. يُعد هذا المؤتمر خطوة محورية في مساعي سوريا لإعادة البناء بعد الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد ونحو 14 عامًا من الحرب الأهلية. تولت تنظيم المؤتمر جماعة "هيئة تحرير الشام" (HTS)، التي قادت عملية الإطاحة بالأسد

في كلمته الافتتاحية، وصف الرئيس المؤقت أحمد الشرع المؤتمر بأنه "فرصة تاريخية" لسوريا لإعادة بناء نفسها بشكل مستقل. يهدف المؤتمر إلى صياغة توصيات غير ملزمة تتعلق بالحكم الانتقالي، تمهيدًا لوضع دستور جديد وتشكيل حكومة مستقبلية. تتوزع أعمال المؤتمر على ست لجان رئيسية تناقش مواضيع مثل العدالة الانتقالية، الدستور، النموذج الاقتصادي المستقبلي، بناء المؤسسات، الحريات الشخصية، ودور المجتمع المدني.​


رغم أهمية المؤتمر، برزت انتقادات تتعلق بسرعة التحضير له وغياب تمثيل بعض الأقليات والجماعات الرئيسية. أشار منتقدون إلى هيمنة "هيئة تحرير الشام" على العملية السياسية منذ الإطاحة بالأسد، مع غياب تمثيل للأقليات مثل الدروز والعلويين، واستبعاد مجموعات مثل "قوات سوريا الديمقراطية" المدعومة من الولايات المتحدة. كما أعرب الزعيم الروحي للطائفة الدرزية، حكمت الهجري، عن استيائه من نقص التنظيم والتمثيل الشامل في المؤتمر


على الصعيد الدولي، تراقب العواصم العربية والغربية مجريات المؤتمر عن كثب، حيث ربطت بعض الدول إعادة العلاقات الكاملة مع القيادة السورية الجديدة، بما في ذلك رفع العقوبات، بمدى شمولية العملية السياسية وتمثيلها للتنوع العرقي والديني في البلاد. في هذا السياق، أشار ثلاثة دبلوماسيين إلى أن المؤتمر سيحظى بمتابعة دقيقة من هذه العواصم لتقييم مدى احتوائه لمختلف الأطياف.


من جانب آخر، أعرب بعض المشاركين عن تفاؤلهم بإمكانية إجراء مناقشات مفتوحة بعد عقود من الحكم الاستبدادي. المحامية في مجال حقوق الإنسان، كاترين التلي، التي اعتُقلت لفترة وجيزة خلال احتجاجات عام 2011، أشادت بفرصة التعبير الحر عن الآراء، معتبرة ذلك بداية لحياة ديمقراطية حقيقية.


تواجه سوريا تحديات جسيمة في المرحلة الانتقالية، أبرزها إعادة بناء الاقتصاد والبنية التحتية المدمرة، معالجة جرائم الحرب، ودمج الفصائل المسلحة في جيش وطني موحد. بالإضافة إلى ذلك، هناك تحديات تتعلق بإعادة النازحين واللاجئين، ورفع مستوى المعيشة في ظل ارتفاع معدلات الفقر والبطالة. كما أن وجود قوات أجنبية، مثل القوات الإسرائيلية في الجولان، يزيد من تعقيد المشهد السياسي والأمني.


في الختام، يُعتبر مؤتمر الحوار الوطني السوري خطوة مهمة نحو إعادة بناء البلاد وتحقيق الاستقرار. ومع ذلك، فإن نجاحه يعتمد على قدرته على معالجة التحديات الداخلية والخارجية، وضمان تمثيل شامل لمختلف مكونات المجتمع السوري، بالإضافة إلى الحصول على دعم وتأييد المجتمع الدولي.