رمضان في سوريا بدون الأسد لأول مرة منذ أكثر من نصف قرن
Publié : 16h26 par عمرو سواح
/medias/8huordnnf9/image/Sans_titre1740842657063.jpg)
"مع العيد رئيس جديد"... لطالما ردد السوريون هذه العبارة مع كل رمضان منذ بداية الثورة، قبل أن تتحول هذه العبارة إلى نكتة سوداء مع استمرار حكم الأسد رغم كل شيء. لكن هذا العام، ولأول مرة منذ أكثر من 50 عامًا، يحل رمضان على سوريا دون أن يكون في قصر المهاجرين أحد من آل الأسد.
فاتورة الحرية كانت باهظة
يأتي رمضان، والذكرى ال14 من عمر الثورة على بعد أيام فقط، سيحتفل فيها السوريون، لكنهم لن ينسوا الفاتورة الثقيلة التي دفعوها. أرقام كبيرة من الخسائر على رأسها اكثر من 500 ألف قتيل، وملايين المهجرين داخلياً وخارجياً، مدن بأكملها سويت بالأرض، جيل كامل ولد وكبر في المخيمات وبلدان اللجوء، وعشرات الآلاف الذين عانوا في المعتقلات بالإضافة إلى أرقام كبيرة من المغيبين قسرًا والذي لا يعرف مصيرهم إلى الآن.
أين سوريا اليوم؟ بين الأمل والمخاوف من احتكار جديد
بعد رحيل الأسد، لم تتحول البلاد إلى جنة منتظرة، لكن الأبواب التي كانت موصدة لعقود فُتحت أمام مستقبل مختلف. لا تزال الفوضى تهيمن على المشهد السياسي، والتحديات الاقتصادية خانقة، والبنية التحتية تحتاج إلى سنوات من العمل، لكن لأول مرة منذ عقود، هناك أمل حقيقي بإمكانية بناء دولة لا يتحكم فيها شخص واحد وعائلته.
لكن الأمل لا يبدد المخاوف بشأن مستقبل سوريا، فقد ظهرت تحديات جديدة تهدد بتحويل المرحلة الانتقالية إلى إعادة إنتاج للسلطة في يد مجموعة ضيقة من الأشخاص، بعيدًا عن التعددية التي طالما نادت بها الثورة. فاليوم تسود اتهامات بوجود تحكم غير شفاف في تشكيل مؤسسات الحكم الجديدة، مما يثير تساؤلات حول مدى تمثيلها لجميع السوريين، وخاصة القوى التي كانت في صلب الثورة. كما واجه مؤتمر الحوار الوطني السوري الذي عقد في 24 و25 من الشهر الماضي انتقادات حادة بأنه يعيد إنتاج خطاب وسياسات لا تعترف بالديمقراطية، وسط حديث عن تهميش مكونات سياسية فاعلة، وتصرفات ذات طابع يثير حساسية مجتمعية، قد تعيد إنتاج الانقسامات بدلًا من معالجتها.
إلى جانب ذلك، تتزايد المخاوف من غياب احترام الحريات والتنوع المجتمعي، في الوقت الذي تطفو فيه إلى السطح أفكار متطرفة ومحاولات بعض الجماعات فرض نفوذها بالسلاح، ما يهدد بتحويل السلطة إلى حكم أحادي بعيد عن قيم الدولة المدنية التي طالما كانت مطلبًا للسوريين.
الأخطر من ذلك أن هناك مخاوف متزايدة من كم الأفواه وتقييد الحريات ومنع الأصوات المعارضة داخل المشهد السياسي الجديد، مما يذكّر بأساليب النظام السابق في السيطرة على المجال العام. وبينما يسعى السوريون لبناء دولتهم الجديدة، تظل العيون مفتوحة لمنع تكرار تجربة السلطة المطلقة تحت أي مسمى أو غطاء جديد.